رمضان؛ وفقه مدارسة القرآن
يتخلى المسلم في رمضان عن كثير من العوائق والعلائق التي تبعده عن التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل، وربما كانت منها معاصي ومخالفات تحجب نور القرآن عن قلبه.
فإذا حل الشهر المبارك ارتفعت تلك الحجب، ففتحت أبواب التدبر، وتيسر سبيل التأمل في كنوز القرآن، والعاقل من يستغل هذه الفرصة ليديم التدبر في كتاب الله تعالى.
“والتدبر: التفكر والتأمل الذي يبلغ به صاحبه معرفة المراد من المعاني، وإنما يكون ذلك في كلام قليل اللفظ كثير المعاني التي أُودعت فيه، بحيث كلما ازداد المتدبر تدبرا انكشف له معان لم تكن بادية له بادئ النظر”
الميثاق الغليظ بين مفهومي الزواج والنكاح في القرآن
ومنه نستخلص أن لفظ الزواج، لفظ شامل للحياة الأسرية سواء المادية أو المعنوية منها، وهو لفظ يحقق بين طرفي الميثاق الجانب الروحي المتكامل في الأخذ والعطاء والمتمثل في المودة والرحمة والطمأنينة النفسية والثقة المتبادلة بينهما بعيدا عن ما يكدر صفوهما، نتيجة الخوف العاطفي والمادي بينهما ما يفتح للشيطان بابا يرسي فيه عرشه للتفرقة بينهما، ولن يتأتى ذلك إلا بالتزام أوامر ونواهي شرعية تجنبهما أجواء الكدر والنشوز، في حين نجد أن لفظ النكاح متضمَّن في الزواج وموصل إليه من خلال ضوابط شرعية تحفظ كلية النسل والنسب مما يقوي وحدة المجتمع وتماسكه بعيدا عن الموبقات.
فالميثاق الغليظ نظام يجمع بين المفهومين ـ النكاح والزواج ـ، ولا غنى لأحدهما عن الآخر، غير أن الزواج يهم الجانب الروحي المعنوي، والنكاح يهم الجانب المادي، ويكمل أحدهما الآخر وبهما يستقيم ويتأسس نظام الميثاق الغليظ.
قضايا المرأة العربية في البحث العلمي
إن قضايا المرأة العربية في البحث العلمي بيومهم الدولي تواجه تحديا مهما ولا سيما في وقتنا الحاضر من مجمل التحديات الكبرى التي تعصف بمجتمعاتنا، حيث نجد أن قدرا ليس بسيطا من تلك البحوث التي تتناول قضايا المرأة هي بحوث نظرية مثالية تعالج المستوى النظري أكثر مما تقدم حلولا عملية وخطط محددة واضحة يسهل تنفيذها، ويرجع ذلك غالبا إلى محدودية أهداف هذه البحوث وضعف التمويل لها، وعدم توفر جهات حاضنة تساعد في رعايتها وتكون نافذة لتطوير السياسات والبرامج وخطط التنمية المختلفة المتعلقة بقضايا المرأة.
تهافت “العدمية” على وقع تأملات الأصفهاني
مَن هذا الحكيم الذي ملأ على الغزّالي زمنه ومكانه؟ أي كتاب هو “الذريعة إلى مكارم الشريعة”؟ أي كتاب هو هذا الكتاب الذي جعل منه الغزّالي رفيقا له؟ أفي “التفصيل والتحصيل” ما يبني عليه التائه في زمن التيه؟ أفيه ما يُذهب عن الحيارى وحشة “العولمة” وغياب “المعيار”؟ أفي استعادة “الراغب”، لزمننا هذا، جدوى يقصدها من تعفّنت نفوسهم وتبلّدت عقولهم وتحيونت أجسامهم، معبّرة عن عفونة وبلادة وحيوانية “رأسمالية مُحتَضرة”؟ وهل بإمكان “التائه” أن يقرأه على ضوء “المعرفة الحديثة” التي أضلته شعاراتها وأبعدته عن جوهرها؟
حاجتنا إلى بروتوكول شامل لمواجهة خطاب الكراهية
إن خطاب الكراهية في المجتمع وتعمق بذوره بين فئة الشباب تحديدا هو المنبع الرئيس لتعاظم الإرهاب والتطرف الفكري، وقد أضحى من الصعب تكميم تلك الأفواه التي تنشر بذور الكراهية في أوساط المجتمع بشكل كامل في ظل الفضاء الواسع والحرية غير المسبوقة، لذلك يجب تحصين أفراد المجتمع وفق منهجية قائمة على أساس الفكر الصحيح والتربية السليمة، وأهم وسائل التحصين هي تعزيز القيم الإنسانية المشتركة وأبرزها احترام الاختلاف والتعددية الفكرية ونشر ثقافة السلام الاجتماعي.
إلى الذين ضيعوا جمال العقائد بالأقنعة.. لن تجدوا منّا إلا الفضح
كلّما تدخلتْ في “اللاهوت” رقابة غير الرقابة الغيبية، كلما تدخلت فيه رقابة تاريخية، كلما تدخلت فيه أيدي الناس وما تفرضه شروط التاريخ من قيود؛ كلما حصل ذلك، إلا وأصبح “اللاهوت” عاجزا عن الإشفاء إلا في حدوده الدنيا. ولن يتجاوز تلك الحدود إلا إذا أصبحت “الرقابة اللاهوتية” هي عين “الرقابة التاريخية”، حيث يصبح “ما وراء التاريخ” هو نفسه “التاريخ”، وحيث يتقمص “الزعماء والشيوخ” شخصيات “الآلهة”، وحيث يحلّ “الغيب” في “الشهادة” بشكل واضح.
لا معنى للحجاب من غير ستر
من مقاصد اللباس الشرعي للمرأة: ستر العورة حسب ما حددها الشرع، شأن وظيفة اللباس والأصل فيه، قال تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يذكرون”.
فالله عز وجل يمتن على عباده بما جعل لهم من اللباس يستر عوراتهم، ولأنه قد يكون اللباس ويكون معه التبرج وإظهار الزينة الخفية والمفاتن؛ فقد حذر من التبرج فقال تعالى: “وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى”.
ومن مقاصد اللباس الشرعي بعد الستر أن تعرف المرأة بالعفة فلا تؤذى قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا”.
ملاحظة حول العلاقة الجنسية الرضائية
وقد اتفق الفلاسفة منذ القديم على أن الوضع السليم للإنسان هو أن تتحكم قوته العاقلة في قوته الشهوية، وأن تروض الأولى الثانية بما يجعلها خاضعة لمصلحة الإنسان ومنفعته ولو كانت ضد متعته، وأن هذا الترويض وما ينتجه من تحكم العاقلة في الشهوية؛ هو أهم ما يميز الإنسان عن البهيمة؛ وأن ما قد يكون فيه من فوات متعة أو نزوة والحرمان من شهوة؛ هو ضرر صغير في خضم المصلحة الكبرى والمنفعة العظمى التي يجنيها الإنسان من سلوك العفة والاقتصار على الحلال دون الحرام؛ وهو السلوك الذي سماه القرآن الكريم: حفظ الفرج، واعتبرته شريعة الله من ضروريات الوجود الإنساني السعيد؛ داعية الإنسان إلى الجمع بين الضرورتين: المحافظة على الشرف والكرامة وصيانة العرض من جهة، والاستمتاع المباح بالجنس من جهة ثانية ..
وهو ما يفرض على الدولة والمجتمع المسلمين وضع سياسات وقوانين تضمن ذلك باعتباره من أهم حقوق الإنسان ..
علم التوحيد والتزكية
لقد غلب على الكتب التي درست التوحيد اعتماد المنهج الكلامي الجدلي؛ (وهنا الإشكال المنهجي الذي عُرِضت به هذه المعارف والعلوم). حتى ولو كانت على منهج العقيدة السلفية؛ إلا قليلاً! وذلك نظراً للجدل التاريخي الذي أحاط بموضوع العقائد، وما تخلَّلَه من فِرَقٍ ومذهبيات، تتأرجح بين الغلو والاعتدال، وتلك قضية أخرى.
لكن نتج عن هذا كله مشكل على المستوى المنهجي، ألا وهو غياب «المقاصد التربوية» من أغلب كتب العقائد، حيث فصَّلَت في بيان القسمين المذكورين معاً؛ لكن بمنهج نظري جدلي، لا بمنهج تربوي، قائم على «قصد تزكية الأنفس» الذي هو غاية تعريف العباد بالله رباًّ وإلهًا! وأُهمِل هذا المعنى العظيم، لتتولاه كتب أخرى وفنون أخرى، وُصفت أحيانا بكتب الرقاق، وأخرى بكتب الزهد، أو كتب السلوك، أو كتب التصوف.
وبغض النظر عن مشكلة التسمية وما تثيره من جدل؛ فإن غاية ما سَلِمَ من هذه المصنفات إنما هو تزكية الأنفس؛ لتتحقق من مفهوم (الإخلاص)، وذلك هو غاية التوحيد جملةً، وأساس توحيد الألوهية خاصةً. ومن هنا لم تكن «التزكية» غير التربية على «التوحيد» بمعناه القرآني الشامل. وعليه؛ فقد وجب أن نستعيد المنهج القرآني في عرض المادة التوحيدية، أعني منهج التربية والتزكية؛ للبلوغ بالتوحيد إلى ثمرته المَرجوَّة ، ألا وهي: الإخلاص، ولا يكون ذلك إلا بعلم وعمل.
ميزان السنة والبدعة في فكر العلامة دراز
يلخص العلّامة دراز تصوره للبدعة في عنصرين أساسيين:
– “التغيير في التشريع يجعل غير المشروع مشروعا، المشروع غير مشروع”.
– “التغيير في العمل مع اعتقاد مشروعية ذلك، وارتكابه باسم الدين”.
فإلى أي حد يمكن لمعيار العلامة دراز، فيما يخص تصوره لثنائية السنة/ البدعة، أن يخدمنا في شرطنا التاريخي الراهن؟ إلى أي حدّ يمكننا استدعاؤه لصالحنا لا لصالح أعدائنا المستعمِرين وأياديهم في دول الجنوب عامة، وفي الوطن العربي خاصة؟